قصة أصحاب الأخدود وكيف نجا الطفل من انتقام الطاغية منه! |
أهلا بكم من جديد أحبائي الكرام متابعي قناة أفكار إسلامية وقراء موقع afkarislamiya.info كما جرت العادة، نقدم لكم فيديو جديد نرجو من الله أن ينال إعجابكم، قد أشار الله في القرآن الكريم إلى قصة عجيبة وهي قصة أصحاب الأخدود، وذلك في بضع آيات من سورة البروج، حيث تم إيرادها بشكل مختصر، وذلك سيرا على نهج كتاب الله تعالى في الإيجاز والتلخيص، وعدم الخوض في التفاصيل، إلا أن السنة النبوية المشرفة قد تضمنت مزيدا من البيان والتوضيح لهذه القصة وتفاصيلها الغريبة، والتي قد رواها إمامنا مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل صهيب الرومي رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومفاد القصة أنه قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هناك ملك طاغية لديه ساحر مقرب منه، فلما كبر الساحر في السن قال للملك: إني قد كبرت فابعث لي غلاما أقوم بتعليمه السحر، فبعث الملك إليه غلاما ليعلمه، فكان في الطريق المؤدية للساحر يوجد راهب من الرهبان، فكان الغلام يقعد إليه ويستمع إلى كلامه الذي سرعان ما أعجب به، فكان الطفل إذا أتى الساحر مر بالراهب وجلس إليه واستمع منه، فإذا جاء إلى الساحر وبخه وضربه، فشكا الطفل ذلك إلى الراهب، فقال له: إذا خشيتَ الساحر وخفت منه فقل : منعني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل لهم: منعني الساحر.
فاستمر الحال كما هو عليه، حتى جاء يوم خرجت فيه على الناس دابة عظيمة آذتهم إذاية كبرى، فقال الطفل في نفسه: اليوم سأعلم من الأفضل هل الساحر أم الراهب؟ فأخذ الطفل حجرا بيده وقال: يا ربي إن كان أمر الراهب لديك أحب إليك من أمر الساحر، فأمت هذه الدابة حتى يمر الناس، فرماها بحجر فقتلها، ومضى الناس إلى أغراضهم، فجاء الطفل إلى الراهب وأخبره بالذي حصل، فقال له الراهب: أنت اليوم، يا بني، أفضل مني، فقد بلغت مبلغا عظيما ومرتبة كبرى، وإنك، يا بني، ستبتلى ابتلاء عظيما، فإن ابتليت فلا تدلهم على مكاني، وكان الغلام يشفي، بإذن الله، الأكمه والأبرص، ويداوي المرضى من سائر الأمراض، فسمع به أحد جلساء الملك والمقربين منه وكان أعمى، فجاء إليه ومعه هدايا كثيرة، وقال: كلها لك أجمع إن أنت أشفيتني من العمى، فقال له الطفل: أنا لا أشافي أحدا، إنما شافي هو الله تعالى، فإن أنت آمنت بالله عز وجل دعوته لك ليشفيك، فآمن جليس الملك بالله تعالى فشفاه.
بعد ذلك حضر الجليس إلى الملك فجلس إليه كما العادة، فقال له الملك متسائلا: من الذي رد عليك بصرك، فقال الجليس: ربي، فقال الملك : أولك رب غيري، قال الجليس: ربي وربك هو الله تعالى، فغضب الملك وأخذه فلم يزل يعذبه حتى دله على ذلك الغلام، فجيء به، وقال له الملك مخاطبا: أي بني، قد بلغ من سحرك ما تبرئ به الأبرص والأكمه، فقال الغلام: إنني لا أشفي أي أحدا، إنما الذي يشفي هو الله تعالى، فزداد غضب الطاغية وأخذه ولم يزل في تعذيبه حتى دله على الراهب المسكين، فجيء به وقيل له: ارجع عن دينك، فامتنع عن ذلك فاجأوا بمئشار كبير، فوضعوا المئشار في أعلى رأسه فشقوه إلى نصفين، ثم أتوا بجليس الملك، وقالوا: ارجع عن دينك، فأبى ذلك ففعلوا به ما فعلوه بالراهب، ثم جيء بالغلام وقيل له: ارجع عن دينك، فأبى ذلك، فأمر الملك بعض جنده وقال لهم: اذهبوا بالغلام إلى جبل كذا وكذا، فاصعدوا إلى الجبل، فإذا وصلتم إلى قمته، فإن رجع عن دينه، فدعوه وإن لم يرجع فألقوه من أعلى الجبل، فذهبوا بالغلام حتى وصلوا إلى قمة الجبل فقال الغلام: اللهم اكفني شرهم بما شئت، فرتج الجبل تحت أقدامهم فسقطوا جميعا، وجاء الغلام إلى الملك يمشي، فقال له: ما وقع للجند، فقال: الله تعالى انقذني وكفاني شرهم، فدفعه إلى جنده من جديد وقال لهم: اذهبوا به فاحملوه في سفينة فإذا توسطتم البحر، فإن رجع عن دينه فدعوه، وإلا فاقذفوا به إلى أعماق البحر، فذهبوا به فقال أيضا كالمرة السابقة: اللهم اكفني شرهم بما شئت، فانقلبت بهم السفينة فأغرقهم الله.
أما الغلام فقد جاء يمشي إلى الملك فقال له: ما وقع لمن ذهبوا معك فقال : كفاني الله تعالى شرهم، فقال الغلام للملك: إنك لن تستطيع قتلي حتى تفعل الذي آمرك به، قال وما ذلك، قال: تقوم بجمع الناس في مكان واحد، وتقوم بصلبي على جذع، ثم تأخذ سهما من سهام كنانتي، ثم تقوم بوضع السهم في القوس، ثم تقول: باسم الله رب الغلام، ثم ترمي السهم، فإن فعلت ذلك فسوف تقتلني، ففعل الملك كل الذي قاله الغلام فقال: باسم الله رب الغلام، ثم رمى فأصابه في رأسه فمات، فوقعت المفاجأة فقد آمن الناس جميعا فقيل للملكُ: أرأيت الذي كنت تحذر منه فقد وقعت فيه، فأمر بحفر أخدود عظيم، وأَضْرَمَت في وسطه نار عظيمة، وقال الملك لجنده: الذي لم يرجع عن دينه فأرموه في الأخدود، حتى جاء دور على امرأة وبصحبتها صبي لها، فترددت في الوقوع في الأخدود، فقال لها الصبي مخاطبا: يا أُمَّاهِ اصبري فإنك على الحق، فأنطق الله تعالى ذلك الرضيع حينما ترددت أمه وتقاعست عن اقتحام النار، فكانت آية عظمى ثبت الله عز وجل بها قلوب المؤمنين، ونصرهم بها على الملك المتجبر.
إنها قصة واقعية وليست خيالية هي قصة غلام أنار الله بصيرته، وآتاه من الثبات والإيمان، والفطنة والذكاء، ما تمكن به من أن يغير حال أمة كاملة، وأن يقوم بزلزلة مُلْك ذلك الطاغية الظالم، الذي ادعى الربوبية وهو إنسان ضعيف، كما أنها قصة تبين لنا قاعدة هامة من قواعد الانتصار، وهي أن الانتصار الحقيقي هو انتصار المبادئ السامية، فلقد انتصر هذا الغلام مرات عدة في معركة واحدة وفي موقف واحد، فأخرج أمته من الظلمات إلى النور، وانتصر حينما نال شرف الشهادة في سبيل الله، وانتصر حينما خلد الله عز وجل ذكره في العالمين وجعل قصته من آيات الذكر المبين، وجعل له لسان صدق في الآخرين.
اشترك الآن ليصلك جديدنا باستمرار اضغط هنا
أيها القارئ الكريم، إن هذه القصة الخالدة ليست فقط قصة للتسلية وملء الفراغ وإزجاء الوقت وإنما هي قصة قرآنية لأجل أخذ العبرة والعظة والتعرف على قصص وأحوال رجال ونساء صدقوا الله عز وجل فصدقهم وخلد ذكرهم في العالمين، رجال اختاروا طريق الله تعالى فكانت عاقبة أمرهم سديدة سعيدة.
ختاما إخواني الكرام إذا كنتم على معرفة بمعلومة أخرى لم نذكره في هذه المقالة فرجاء أكتبوا لنا تعليقا توضحون فيه ذلك، وسنكون مسرورين بالإجابة. دمتم في حفظ الله رعايته.
تعليقات
إرسال تعليق