في ذكرى ميلاد نور الشريف..
حكاية المشهد الذي أوصى بعرضه يوم وفاته
الفنان نور الشريف |
اليوم الأربعاء يصادف مرور 75 سنة على ميلاد الفنان المصري الكبير نور الشريف الذي كانت ولادته فى مثل هذا اليوم الموافق 28 إبريل من سنة 1946، ليضيئ سماء الفن المصري والعربي، فصار أحد المواهب العربية ذات الإبداعا والوهج والسطوع والنور.
نور الشريف هو فنان مثقف ذو موهبة
فذة قل نظيرها، فهو فنان صاحب رؤية شاملة، حيث يمثل حالة خاصة في الإبداع السينمائي
والمسرحي والتلفزيوني العربي، كما يتمتع بقدرات وكفاءات فنية هائلة، تمكنه من
تشخيص وتقمص أية شخصية وتأديتها بصفاتها وملامحها الدقيقة وأيضا تجسيدها بعبقرية
شديدة، وهذا كان ديدنه في مجمل أدوار التي لعبها، ولعل هذا الذي جعله يصل بصدقه
وفنه العظيم إلى قلب وعقل المشاهد المصري والعربي ويرسخ تماما في وجدانه إلى
الأبد، فقد شخص الفنان نور الشريف مئات الأدوار المختلفة والمتنوعة، فتارة رأيناه شابا
مستهترا، أخرى رجلا ناضجا، وثالثة تاجر مخدرات، ورابعة لاعب الكرة، وخامسة موظف، وسادسة
سواق الأتوبيس، كما أبدع غاية الإبداع في الأدوار التاريخية والدينية ومنها بطبيعة
الحال تأديته دور هارون الرشيد وعمر بن عبدالعزيز.
1. اسم نور الشريف الحقيقي وولادته:
ومما لا يعرفه كثيرون أن اسم نور الشريف هو
اسم الشهرة، أما اسمه الحقيقي محمد جابر محمد عبد الله، وكانت ولادته في حي الشهير
بالقاهرة حي السيدة زينب في القرن الماضي، وتحديدا يوم 28 إبريل من سنة 1946، وبعد
ذلك توفي والده وعمره لم يتجاوز عاما واحدا فرباه عمه، ومنذ نعومة أظافره ظهرت موهبته
الفنية والرياضية، فانضم في طفولته إلى فريق أشبال كرة القدم بنادي الزمالك النادي
المصري العريق، لكم الأقدار لم تشأ أن يكمل مشواره في لعب كرة القدم.
2. بداية مشواره الفني وتألقه:
كانت انطلاقة حياته الفنية والإبداعية بدور
صغير في المسرح حيث شارك في مسرحية الشوارع الخلفية سنة 1962 وكان أنذاك يستعد
فعلا لاجتياز اختبارات معهد الفنون المسرحية، وبعدها كان التحاقه بالمعهد العالي
للفنون المسرحية، ونال تقدير "امتياز" وكان الأول على دفعته سنة 1967.
كانت بدية مسيرته السينمائية سنة 1966 حينما
قدمه الفنان عادل إمام للمخرج الكبير حسن الإمام فشارك في فيلم كان عنوانه "قصر الشوق" الذي كان يجسد رواية مشهورة
لنجيب محفوظ تحمل العنوان نفسه وبعدها توالت أعمال نور الشريف وظهر تألقه.
مع توالي السنين صار نور الشريف صاحب
رصيد سينمائي كبير جدا قدم من خلاله مئات الأدوار والشخصيات المتنوعة ، ونال عشرات الجوائز عن العديد من أفلامه المتميزة
ومنها الكرنك، سواق الأتوبيس، حبيبي دائما ، العار، حدوتة مصرية ، أهل القمة
وغيرها من الأفلام الرائعة.
كما تألق نور الشريف في السينما فقد تألق أيضا
في الدراما التلفزيونية التاريخية والاجتماعية وقدم العديد من الأدوار ومنها : دورة
في مسلسل عائلة الحاج متولى، ومسلسل لن أعيش في جلباب أبى، ومسلسل الرحايا ، ومسلسل
هارون الرشيد ، ومسلسل عمر بن عبدالعزيز.
3. حديث نور الشريف عن دور عمر بن عبد العزيز
وفي نهاية حياة الفنان الكبير نور الشريف
تحدث في أحد البرامج التلفزية عن عدد من أعماله الفنية والمشاهد التي يعتز بتأديتها .فقد قال الفنان العربي الكبير، وقد ظهرت
عليه آثار المرض واضحة جدا، أنه يرى أن
مسلسل عمر بن عبد العزيز هو أهم عمل قدمه على الإطلاق على مدار تاريخه الإبداعي والفني
الحافل .
وتحدث نور الشريف في هذا اللقاء عن المشهد
الأخير من مسلسل عمر بن عبد العزيز بتأثر شديد حتى كاد يجهش بالبكاء، قائلا بلهجته
المصرية الرائعة: "والله لما بشوف مشهد الوفاة عندما يذاع بأبقى مندهش، مين
ده، مهما كنت دارس، مهما كنت موهوب وعندي خبرة، أرى أن مشهد النهاية في مسلسل عمر
بن عبد العزيز فيه لحظة تنوير رباني، في اللحظة التي يرى فيها عمر بن عبد العزيز
جده عمر بن الخطاب وكل الصحابة اللي سبقوه وهو فرحان إنه هيروح لهم".
وتابع حديثه عن المشهد:" في المشهد أنا
فاتح عيني والدموع نازلة، وفي فن التمثيل لما تكون الدموع عصية الفنان بيضغط على
عينه شوية عشان الدموع تنزل، لكن في المشهد ده أنا عيني مفتوحة والدموع تنساب مش
عارف إزاي، بجد لحظة تنوير رباني".
واستمر نور الشريف في كلامه الممزوج بالصدق
والعفوية، تحشرج صوته، وهو يتحدث عن هذا المشهد قائلا: "الأعمار بيد الله،
وأتمنى يوم ما أموت يذيعوا المشهد ده".
ويظهر في هذا المشهد الحزين والمؤثر جدا الفنان
نور الشريف وهو يجسد شخصية أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، الإمام الأموي
العادل ، خامس الخلفاء الراشدين، وحفيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو يحتضر
مرددا تلك الآية الكريمة الواردة في سورة القصص حيث يقول عز من قائل: "تلك
الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة
للمتقين" صدق الله العظيم.
تعليقات
إرسال تعليق